علاقة السلوك المنحرف بالبيئة الاجتماعية في ظل مؤسسات الضبط الرسمية
Abstract
يٌعد السلوك المنحرف ظاهرة أزلية منذ وجود الخليقة البشرية، تحولت إلى مشكلة اجتماعية من الجدير دراستها في ظل استمرار تفاقمها على كل المستويات في البناء الاجتماعي؛ لما لها من انعكاسات سلبية تهدد تماسك المجتمع وسلامته ، إلى جانب ذلك تحديد العقوبات الاحترازية والاجتماعية المناسبة لمرتكبي السلوك المنحرف لتحقيق هدف حماية المجتمع من انتشارها. كما أنَّ الآثار التي تعكسها مشكلة الانحراف السلوكي تنعكس سلبًا في جوانب حياة الأفراد نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. الأمر الذي جعل دراسة العوامل المؤدية لارتكاب السلوك المنحرف ضرورة مهمة، والبحث في مكافحتها؛ بحيث تعطي المختصين المعرفة لتطبيق الجزاء العقابي الرادع بما يتناسب مع حجم السلوك، واختيار الوسائل العقابية المناسبة للمحكومين، مع إعادة تأهيلهم وإدماجهم مرة أخرى بالمجتمع. كما استهدفت الدراسة الإجابة عن السؤال الرئيس: هل كل سلوك منحرف يُعدُّ (جريمة) طالما خرجت عن الإجماع القيمي للمجتمع، وإلى أي مدى ترتبط الجريمة(بوصفها سلوكًا منحرفًا)، بالأوضاع والظروف الحياتية المعيشية لأفراد المجتمع؟
كما استهدفت هذه الدراسة إبراز أهم العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت في ارتكاب السلوك المنحرف، والعوامل المرتبطة بوظيفة مؤسسات الضبط الاجتماعي الرسمية التي لها انعكاسات سلبية في معدلات انتشار السلوكيات المُنحرفة بالمجتمع، وكذلك العوامل السياسية التي لها انعكاسات سلبية في معدل تفشي السلوك المنحرف، فقد استعان الباحت ببعض من أدوات البحث العلمية منها: الاستبانة وتحوي مجموعة من الأسئلة التوضيحية التي لها علاقة بالدراسة بحيث يُطلب من العينة المبحوثة الإجابة عنها، وتحوي أسئلة مغلقة ومفتوحة اختيارية، إضافة إلى المقابلات الشخصية التي أجراها الباحث مع بعض أفراد العينة المبحوثة.
توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها: أنَّ ضعف البناء الاجتماعي المؤسسي للدولة، وحالة الصراع وعدم الاستقرار السياسي صاحبه غياب القانون الرادع؛ ويعود ذلك إلى الفراغ الحاصل في أجهزة الضبط المختلفة في المجتمع مما يؤدي إلى شيوع السلوك المنحرف، كما أنَّ الفقر وانتشار البطالة، والعوز من العوامل التي أسهمت في ارتكاب السلوك المنحرف، إضافة إلى أن الرفقة السيئة أدت إلى تشجيع ارتكاب السلوك المنحرف، ووجود خلل في وظيفة الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية السليمة، كما بينت نتائج الدراسة الميدانية أنَّ الوازع الديني يُعدُّ من أهم الوسائل الداخلية في عملية الضبط الذاتي للفرد؛ لكونه يمنع الاندفاع نحو السلوك الإجرامي.
خلصت الدراسة إلى بعض التوصيات من أهمها الآتي: مكافحة الفقر والبطالة وإيجاد المزيد من فرص العمل للشباب، وحسن اختيار الكوادر الأمنية والقضائية، وتعزيز أثر منظمات المجتمع المحلي، وتعزيز وظيفة المحاكم والنيابات والإسراع في حل قضايا أفراد المجتمع...وغيرها.