المقاصد المعتد بها في الشريعة الإسلامية
Abstract
تحت هذا العنوان جاء بحثنا للمقاصد في الشريعة الإسلامية، ونقصد بالمعتبرة في العنوان تلك المقاصد التي اتجهت إليها الأحكام الشرعية الإلهية، و المصالح البشرية التي ترعاها هذه الأخيرة.
فالشارع الإسلامي عبر عن رعايته لها بنصوص صريحة من القران الكريم والسنة النبوية المطهرة، وأجاز للعقل البشري عند اجتهاده استنباط الأحكام الشرعية أن يرعى ما يماثلها من مصالح متجددة، و متغيرة بتغير الزمان و المكان فقد قال تعالى:((و يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون))...إبراهيم/25.
وركزنا في هذا البحث على ما تنقسم عليه المقاصد من أنواع منطلقين من التقسيم الذي انطلق منه علماؤنا القدامى، في تقسيم هذه المصالح إلى طوائف ثلاث: (ضرورية، حاجّية، تحسينية) ثم ما استدعاه التغيير و التطور في الحياة، من تقسيمات أخرى، تقع على هذه الطوائف الثلاث، فمن هذه المصالح ما هو عام، ومنها ما هو خاص، ومنها ما هو كلي، ومنها ما هو جزئي، ومنها ما هو قطعي، ومنها ما هو ظني، ومنها ما يتعلق بالجوانب المادية الخاصة والعامة، ومنها ما يتعلق بالجوانب المعنوية، كالشرف والحرية والمساواة والتكافل وحقوق الإنسان.
بل إن للشارع مقاصد في مراعاة مصالح الناس في بناء الدولة والمجتمع والأمة، وهكذا تتعدد المصالح وتتنوع، فعلماؤنا القدامى عندما قسموا المقاصد إلى هذه الطوائف الثلاث المشار إليها آنفاً، كانوا ينطلقون من مصلحة الفرد المكلف، وربما كانوا لم يهتموا كثيراً بإبراز مصلحة الجماعة، باعتبار أن حماية مصالح الفرد يؤدي حتماً إلى تحقق مصالح الجماعة، فإذا كانت الضروريات عندهم تتركز في خمس أو ست ضروريات هي مصلحة الدين والنفس والعرض والنسب والعقل والمال، فإن في مراعاة الأحكام التي تحافظ على هذه الضروريات وخاصة مصلحة الدين تتحقق القيم النبيلة للمجتمع من امن و حرية و تكافل اجتماعي فكل هذه الأمور متعلقة بالضروريات.
وما اشرنا إليه تناولناه في ثلاثة مباحث:
خصصنا الأول منها: لتعريف المقاصد و تقسيمها، باعتبار التعريف مدخلا للب البحث و موضوعه، و فيه بينّا أن المقاصد والمصالح لفظان يتحدان في المعنى، ولكنهما يتغايران في الاعتبار، فكلاهما يتعلقان بجلب المنافع للناس، ودرء المفاسد عنهم، ولكن المقاصد لا تنسب إلا للشارع و الشريعة، والمصالح تنسب فقط للناس، وليس للشارع منها نصيب.
أما المبحث الثاني: فقد تناولنا فيه المقاصد الضرورية مستعرضين فيه نظرة الشريعة الإسلامية إلى هذه الضروريات وما إذا كانت منحصرة في الضروريات الخمس أو الست أم أن الإضافة فيها ممكنة بتطور الحياة وتغيير الزمان والمكان.
المبحث الثالث: تناولنا فيه المقاصد غير الضرورية، التي تتعاظم أهميتها يوماً عن يوم بدأنا فيه باستعراض المصالح الحاجية والتحسينية التي أشار إليها علماؤنا القدامى، ثم دلفنا إلى التقسيمات الحديثة التي توصل إليها العلماء المعاصرون، والتي دعت إليها التطورات الحياتية الكبيرة التي تشهدها حياتنا بجوانبها المختلفة.
