نقد ولاية الفقيه
دراسة عقديَّة
Abstract
هذا البحثُ عُنِيَ ببيانِ أصلٍ من أصولِ عقيدةِ الشيعة الاثني عشريّة وهو (ولايــة الفقيه)، الذي عدُّوا قيامَ دولتهم عليه؛ إذ ارتبطَ بأصلِ أصولهم وهو (الإمامة)، فهمْ يَعُدُّونَ (ولاية الفقيه) أصلًا تابعًا لـ(الإمامة)، فهُمْ جعلُوا الولايـة بمثابة النائب عن الإمام الغائب، ويقومُ مقامه حتّى يُعَجِّلَ اللهُ بخروجه فيُخَلِّصَ أتباعَه وشيعتَه ممَّا ألمَّ بهم، ويُعَاقبَ كُلَّ مَنْ لمْ يُشَايِعْ أهلَ البيتِ.
كما أنَّ هذا الأصلَ الذي اعتمدُوا لاستمدادِ قُوَّةِ دولتِهِمْ قدْ عطّلَ العملَ بالشرعِ المطهَّر : كتاب الله تعالى القرآن ، والسنّة النبويّة بوصفهما المصدرّيْنِ الرئيسَيْنِ لتصوُّراتِ المسلمين، وتعاطي عقيدتهم، والقيام بما افترضَ اللهُ عليهم، كما أنَّ فيهما المرجعيّة الصحيحة لكلِّ التصرُّفات والآداب والأخلاق.
وقد عملَ أصل (ولاية الفقيه) لدى الشيعة على تغييب عمل العقلِ، الذي يتصادمُ مع أعطياتِ عقيدة الشيعة تصادمًا صارخًا، لذا فولاية الفقيه تعمل على هذا التغييب ليصبح الناسُ أتباعًا بلا تفكيرٍ، بعيدين عن المرجعيّات الصحيحة، والأنموذج الذي يستلهمون منه عملَ القلبِ والجوارح والتصرُّفات.
استهدف هذا البحث إعطاء تصوُّرٍ عن حقيقة هذه النظرية وتطوّرها في المذهب الاثني عشريّ من خلال الوقوفِ على جملةٍ من مصادرِ الشيعة الاثني عشرية أنفسهم، ثمّ عرضِ هذا التصوُّر على الواقعِ الحقيقيّ الذي يطلبُه الشرعُ من استمداده من نصوصه السامية من الوحيَيْنِ القرآن الكريم والسنة المطهَّرة؛ ليعرفَ القارئ مدى بُعْدِ هذا الأصلِ عن الحياة الواقعيّة التي يجبُ أنْ يكونَ عليها المسلمُ الحقُّ، ومدى استغفال المستمسكين بهذا الأصل عَوَامَّ المسلمين، وإلغاء نمطيّة التفكير في إحياء أصل الأصول الذي قامتْ عليه السمواتُ والأرضون وهو تحقيق العبوديّة لله ربِّ العالمين.
جاء البحث منسابًا في مقدمة، وسبعة مباحث، وخاتمة.
وقد خلص هذا البحث إلى أنَّ نظرية ولاية الفقيه لم تكنْ أصلًا لدى الشيعة الاثني عشرية بل كانتْ وليدة الحاجة، وقد مرّت بمراحل متعددة حتى انتهتْ إلى تعميمها على يد الخميني فقدت نظرية مهمّة للمذهب، وأصلًا أصيلًا فيه. وأنَّ هذه النظرية قد لقيَتْ معارضين من الاثني عشرية أنفسهم.