تمدن مدينة تريم في الإسلام
Abstract
المدينة في الإسلام أكثر ولعاً بالتجديد وأكثر انبهاراً بالمعرفة، لذا لازم اهتمامها بالتغيير نحو التحضر صلتها بثقافة التمدن ، وذلك بدافع من فكر وعقيدة وانعكاس لهما ، فالإسلام حث المستقرات الإجتماعية على التمدن، لأن في هذا ما يدل على رقي مراكز الاستيطان ، وبه تعد المدينة مناراً للتطور التمدني مرتبطة وظيفياً وجمالياً ورخاءً بمقاصد الإسلام .
ومدينة تريم من تلكم المدن، التي عُرف عنها عشقها الدفين لأسباب التمدن ، وقد مهد لها الإسلام النقلة الحضارية صوب التمدن ، مستمدة منه دواعي التمدن ، حتى انفرد هذا التمدن دون غيره من المدنيات الإسلامية جنوب شبه الجزيرة العربية بمزايا ثقافية وعمرانية فائقة التأثير ، تناقل أخبارها المؤرخون الثقاة والدعاة والولاة منذ صدر الإسلام وعبر قرون لاحقة من تاريخ تطورها التمدني العام .
إن من شواهد التمدن لمدينة تريم نجاح التريميين من تطويع تقنية وسائل التمدن لمصلحة تطور مجتمعهم الثقافي ، وذلك على يد جموع المهرة من الفئات المنتجة المتحضرة بالمدينة ،مما أضاف سمة تمدنية بقالب إسلامي غاية في الإتقان والإبداع ،هيأ انتقال المدينة إلى مصاف المستقرات التمدنية الإسلامية الزاخرة ، في حين كان للنسق الإداري الإسلامي تأثيره في تطور الوحدات التمدنية بالمجتمع ، وتمثل المؤسسة المدرسة بمحيط المسجد وتنوع فن العمارة من مظاهر التمدن الثقافي الإسلامي المبكرة للمدينة تريم ، وهذا أضاف جمالاً خلاباً لملامح مدنية المدينة فيمابعد ، حينما أظهر ذلك تأثير ديناميكية التمدن وجاذبيته المطردة للتحضر في مجتمع المدينة ،وأوجد إمكانية احتواء ضغوط التطور التمدني الوافد من خارج المدنيات الإسلامية ، وكيفية استيعابها بالقدر الملائم لمعطيات التمدن الإسلامي وغاياته في التجديد والنما المجتمعي الرشيد .